تشغل الجبال، ذات المنظر الرائع، ووديانها، في جنوب سيناء، ثلث مساحة شبه الجزيرة، تقريباً؛ وواسطة العقد فيها محمية جبل سانت كاترين، وفيها أعلى قمم جبلية بمصر، وأعلاها – إطلاقاً – جبل كاترين، ويبلغ ارتفاعه 2641 متراً. ويتخلل سلسلة الجبال أوديةٌ، تمتد لتنتهي في خليج العقبة، جهة الشرق، أو غرباً في ( سهل القــا ) وخليج السويس. وبالرغم من أن متوسط معدل الهطول بالمنطقة لا يتعدى 62 مم في السنة، إلا أنه يقفز ليتجاوز 300 مم، على قمم الجبال العالية، التي تسقط عليها الأمطار بهيئة الثلوج؛ وهي الموقع الوحيد بمصر الذي تنزل فيه الثلوج شتاءً، حيث تنخفض درجة الحرارة حتى ( – 10 ) درجات مئوية.
وكما هو الحال في مناطق السلاسل الجبلية الأخرى بمصر، تعرِّي السيول الأودية الضيقة من أغطيتها النباتية؛ وبالرغم من ذلك، فإن توفر الأمطار في جنوب سيناء، نسبياً، ووجود عدد من الينابيع بالمنطقة، عملا على إغنائها بتنوع في الأحياء النباتية والحيوانية، يشتمل على أكثر من نصف إجمالي عدد الأنواع النباتية مصرية النشأة؛ من بينها النوع المعرَّض لخطر الانقراض، المعروف باسم ( الورد البري )، أو ( وردة سيناء )؛ ومن النباتات النادرة الموجودة بالمنطقة، وإن كان غير محلي النشأة، ( التوت الشوكي )، وهو موثق في الثقافة التقليدية، وقد ورد ذكره في الإنجيل.
ومن طيور المنطقة، العصفور الوردي السيناوي، الذي قد يوحي اسمه بأنه أصيل في سيناء، غير أن منطقة انتشاره الأساسية في وسط آسيا؛ أما طائر ( الشحرورة )، أو ( السوادية )، فلا يوجد بمصر إلا في هذه المنطقة، فقط. ومن الطيور التي تزداد ندرتها بمناطق انتشارها المعروفة في العالم، النسر أبو ذقن، أو ( كاسر العظام )، ويوجد منه عدد قليل في جنوب سيناء.
وثمة نوعان من الزواحف، تربط بينهما صلة قرابة، أولهما ( الضبُّ السينائي المزوَّق )، الذي يتميز بزخرفة الذيل، ويستوطن الجبال والمنحدرات الصخرية، وهو الأصغر حجماً والأكثر تلويناً من الزاحف الآخر، ( الضب المصري )، الذي يعيش في الوديان والسهول الرملية. ومن الثعابين ذات النشأة الأصيلة في سيناء، ( أبو مريرة )، وهو ثعبان مخطط الجلد؛ بالإضافة إلى ( ثعبان هوجســـترول )، والثعبان المعروف باسم ( حفَّـــار سيناء )، وهو شديد السمية، حتى أنه يعد أخطر ثعبان في المنطقة، كما أنه غير معروف في مصر، خارج نطاق جنوب سيناء.
ومن قوارض جنوب سيناء، ( الفأرة النوَّامة )، أو ( الزغبة )؛ وهو حيوان قارض، بين السنجاب والفأر، وعضو بارز في المجموعة الحيوانية بالمنطقة، ويطلق عليه – أحياناً – صفة ( قاطع الطريق )، بإيحاء من تشكيل يشبه القناع، يغطي عينيه. وفي طبع هذا القارض عنف لا يتفق واسمه – فأرة نوامة – إذ أنه على أهبة الاستعداد، في كل الأوقات، للدفاع عن نفسه، مستخدماً أسنانه الحادة. ومن حيوانات المنطقة، ( ثعلب بلانفورد )، وهو ثعلب جميل الشكل، صغير الحجم، كثيف شعر الذيل، ولم يكن موجوداً في سيناء قبل الثمانينيات من القرن العشرين؛ وهو قادم من الشرق، إذ أنه معروف في باكستان وإيران، وغيرهما من دول المشرق. ويكوِّن الذئب Canis lupus تجمعاً محدوداً في جنوب سيناء، ووجوده حديث نسبياً بالمنطقة. أما نمر سيناء، فهو نادر جداً، حتى أنه أدرج بقائمة الحيوانات المهددة بخطر الانقراض، ووجوده ممثل بعدد قليل جداً من الأفراد.
ولا يقتصر غنى جنوب سيناء على الحياة النباتية والحيوانية بها، بل يمتد إلى ثقافاتها وتاريخها الديني، فعلى أرضها يقوم دير سانت كاترين، الذي أقام به المسيحيون منذ القرن الرابع الميلادي؛ وثمة اعتقاد بأن وادي فيران كان مهد لل Amalekites ، منذ العهود التوراتية الأولى.