صناعة الفحم الحجريتملك الحكومة المركزية في معظم الأقطار كل مناجم الفحم الحجري أو معظمها. والاستثناء الرئيسي من هذا، يشمل أستراليا، وألمانيا، وكندا، وجنوب إفريقيا، والولايات المتحدة، حيث إن كل مناجم الفحم الحجري أو معظمها في هذه الأقطار ممتلكات خاصة. وتضع الحكومات المركزية في هذه الأقطار تنظيمات خاصة بصناعة الفحم الحجري.
تأتي الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا في مقدمة قائمة الدول المصدرة للفحم الحجري في العالم. ويأتي نحو رُبع صادرات الفحم الحجري في العالم من مناجم في الولايات المتحدة، كما يأتي في مقدمة الدول المصدرة الأخرى كندا وبولندا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا والصين. وتشتري اليابان 30% تقريبًا من صادرات الفحم الحجري العالمية وهي نسبة عالية تفوق نسبة أي قطر آخر.
عمال المناجمتملك منظمات تعدين الفحم الحجري الكبيرة جهازًا متفرغًا من العمال المحترفين. ويضم هذا الجهاز مهندسين ومحامين وخبراء أعمال. كما توظف هذه المنظمات كهربائيين وميكانيكيين وعمال إنشاءات.
معدنو الفحم الحجري يزودون صناعة الفحم الحجري بالعمالة التي تعتمد عليها هذه الصناعة. تظهر الصورة عمال منجم فرغوا لتوهم من عملهم اليومي في منجم تحت أرضي وهم يتأهبون للصعود إلى قطار يحملهم إلى خارج المنجم.
ويشكل عمال المناجم المهرة مصدرًا للعمالة تعتمد عليه الصناعة. ويتطلب التعدين التحت أرضي عددًا من عمال المناجم أكثر من التعدين السطحي. وقد ساعد استخدام الآلات عمال المناجم، إذ زادت إنتاجيتهم. وفي عام 1950م، بلغ إنتاج عمال كل منجم من مناجم الولايات المتحدة ما معدله حوالي6,5طن متري من الفحم الحجري يوميًا. وبشكل عام، فإن عمال المناجم ينتجون من المناجم السطحية التي تعمل بطريقة التجريد والكشط أكثر من ضعف ما ينتجون من المناجم التحت أرضية.
وقد أدى التوسع في استخدام الآلات (الميكنة) إلى جعل الوظائف في المناجم أكثر تخصصًا. وتنحصر وظائف معظم عمال المناجم في تشغيل أنماط خاصة من الآلات، مثل المعدِّن المستمر والغرافات والجرافات الآلية الهائلة التي تحتاج إلى خبرة وتدريب خاصين.
وفي القرن التاسع عشر الميلادي، كان العمل في تعدين الفحم الحجري غير آمن وذا مرتبات ضئيلة. وكان عمال المناجم يعيشون ويعملون تحت ظروف بالغة السوء. وقد تضامن كثير منهم في اتحادات مهنية كانت تدعو للاحتجاجات والإضراب عن العمل . ومنذ أوائل القرن العشرين الميلادي تحسنت ظروف معيشة عمال المناجم كثيرًا في الأقطار الصناعية المتقدمة.
عملية تثبيت السقف بالقضبان أو المسامير المصوملة عملية ضرورية من أجل السلامة في المناجم التحت أرضية. ومثبتات السقف هي قضبان طويلة من المعدن يتم إدخالها في سقف المنجم. وبعد أن يتم تثبيت القضبان في السقف فإنها تساعد في منع طبقات الصخور التي تقع فوق السقف مباشرة من الانهيار والسقوط.
تدابير السلامة في المناجمفي الأيام الأولى من عمليات تعدين الفحم الحجري التحت أرضي، كان العمل في المناجم خطرًا. وقد تسببت الحوادث في المناجم في وفاة أو إعاقة آلاف من عمال المناجم سنويًا. ثم بدأت الحكومات سن تشريعات وضعت معايير للحد الأدنى من الصحة والسلامة لكل من العاملين وأرباب العمل على حد سواء. وبذلك تناقصت معدلات الوفيات بين العاملين بشكل كبير بلغ في بعض الحالات 85%.
تتضمن إجراءات السلامة في المناجم أربعة أنماط من المخاطر الرئيسية وهي: 1- حوادث بفعل الآلات. 2- انهيار الجدران والسقوف. 3- تجمع وتراكم الغازات. 4- تركيز غبار الفحم الحجري.
حوادث الآلاتتقتل الآلات أو تجرح عددًا من عمال المناجم سنويًا أكثر مما يسببه أي نوع من حوادث المناجم الأخرى. وتأتي معظم الحوادث في مناجم التجريد والكشط بسبب الآلات. وفي المناجم التحت أرضية تعمل الآلات في معظم الأحيان في أماكن ضيقة وخافتة الإضاءة أو مظلمة، الأمر الذي يجعل عمال المناجم أكثر حذرًا لمنع الحوادث.
انهيارات السقوف والجدرانيمكن منعها في حالات كثيرة، وذلك بوضع خطط علمية فعالة لدعم السقوف. ويضع مهندسو التعدين خطة تدعيم السقوف بعد دراسة تكوينات الصخور المحيطة بطبقة الفحم الحجري. وتتناول الخطة عدد الأعمدة التي يجب الإبقاء عليها، وعدد قضبان أو مسامير تثبيت السقف التي يجب استخدامها.
تجمُّع الغازاتبعض الغازات التي تتسرب في مناجم الفحم الحجري التحت أرضية ذات خطر عظيم إذا تراكمت. ويُعد غازا الميثان وأول أكسيد الكربون خطِرَيْن بشكل خاص. فالميثان غاز قابل للانفجار. وهو يوجد بشكل طبيعي في راقات الفحم الحجري. وهو غير ضار إن وجد بكميات قليلة. وعلى كل حال فإن مزيجًا من 5-15% من الميثان في الهواء يمكن أن يحدث انفجارًا عنيفًا. وينطلق غاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز سام من احتراق الفحم الحجري كوقود، أو احتراق النفط. كما أن أعمال التفجيرات في المناجم التحت أرضية يمكن أن تؤدي إلى انطلاق مستويات خطرة من أول أكسيد الكربون وبخاصة إذا كان المنجم سيئ التهوية.
وتحول مراوح التهوية داخل المنجم دون تجمع الغازات الضارة، كما تقوم مروحة ضخمة قوية مركبة على سطح المنجم والذي يدفع الهواء الملوث من داخل المنجم إلى سطح الأرض خارجًا. ونظرًا للتحذيرات المتكررة من غاز الميثان، فإن كثيرًا من المناجم التحت أرضية تستخدم كاشفات آلية لغاز الميثان. وقد يغلق المنجم بصورة مؤقتة إذا أشارت الكاشفات إلى تجمعات من غاز الميثان بنسبة تزيد على 2%.
تركيز غبار الفحم الحجريإن كل من يستنشق كميات كبيرة من غبار الفحم الحجري لمدة من الزمن، يمكن أن يصاب بمرض الرئة الغباري المعروف أيضًا باسم مرض الرئة السوداء. انظر: الرئة السوداء. ويؤثر هذا المرض في تنفس المصاب، وربما يؤدي إلى الوفاة أحيانًا. وقد ذهب الآلاف من عمال المناجم ضحية لهذا المرض. هذا بالإضافة إلى كون التركيزات العالية من غبار الفحم الحجري قابلة للانفجار، وكذلك فإن خليطًا من غبار الفحم الحجري والميثان يعتبر خطرًا بشكل خاص.
تزيل التهوية الجيدة كثيرًا من غبار الفحم الحجري من الهواء داخل المنجم. ومع ذلك يجب استعمال مقاييس تحكّم في غباره. وتتلخص هذه العملية بأن يرش العمال مسحوق حجر الجير فوق كل الأسطح المكشوفة داخل المنجم، فيقوم مسحوق حجر الجير بتخفيف غبار الفحم الحجري، الأمر الذي يقلل من فرص حدوث الانفجارات. وكذلك تُرش واجهات الفحم الحجري التي يجري تعدينها بالماء والذي بدوره يثبت الغبار ويمنع تطايره.
كيفية استصلاح الأراضي بعد التجريد والكشط. في بعض الأقطار، يجبر القانون أصحاب المناجم أن يستصلحوا كل الأراضي التي عدنوها بالتجريد والكشط. وأولى خطوات استصلاح الأراضي هي تسوية أكوام التربة والصخور التي جري حفرها أو اقتلاعها (كما يظهر في الصورة اليمنى). ثم تُزرع البذور في الأرض ( في الوسط). ويتم مشروع استصلاح الأراضي حينما يكتمل نمو الغطاء الأخضر (الي اليسار)
أبحاث الفحم الحجري العلميةأصبحت أبحاث الفحم الحجري مهمة بصورة متزايدة. ويتركز هدف معظم هذه البحوث على أمرين هما: 1- البحث عن طرق تسمح باحتراق كميات متزايدة من الفحم الحجري دون أن يؤدي هذا إلى ازدياد نسبة تلوث الهواء. 2- تطوير طرق اقتصادية لتحويل الفحم الحجري إلى وقود سائل وغاز طبيعي صناعي.
الحد من التلوثبدأت الأمم المتقدمة في سنّ تشريعات بهدف التقليل من انطلاق غاز ثاني أكسيد الكبريت من محطات توليد القدرة الكهربائية التي تستخدم الفحم الحجري كوقود.
تزيل عمليات تنظيف الفحم الحجري بعض الكبريت منه ولكنها لاتزيل كميات كافية من الكبريت من أنواع الفحم الحجري ذات المحتوى العالي، أو المحتوى المتوسط من الكبريت. ومن أجل الحصول على هواء بمواصفات جيدة، يمكن السيطرة على انطلاق غاز ثاني أكسيد الكبريت إلى حد ما باستخدام أجهزة تسمى أجهزة غسل الغاز. يمتص جهاز غسل الغاز روائح وأبخرة غاز ثاني أكسيد الكبريت لدى تمرير الغازات خلال مجموعة مداخن خاصة.
يُجري الباحثون العلميون التجارب على عملية السيطرة على نسبة عنصر الكبريت في الفحم الحجري وتعرف هذه العملية بإحراق الطبقة المُميعة. وتتلخص هذه العملية في حرق مسحوق الفحم الحجري في طبقة من حجر الجير، حيث يحجز الجير عنصر الكبريت الموجود فيه، وبالتالي يحول دون تشكّل غاز ثاني أكسيد الكبريت. وتُستعمل الحرارة الناتجة عن الفحم الحجري لتسخين الماء إلى درجة الغليان. وينساب هذا الماء المسخن عبر أنابيب على شكل ملفات معدنية داخل طبقة الجير. أما بخار الماء الناتج فيمكن استعماله في محطات توليد القدرة الكهربائية.
ت===حويل الفحم الحجري=== من أجل تحويل الفحم الحجري إلى وقود سائل يلزم زيادة محتواه من الهيدروجين. تحوي أنواع الفحم القارية النسبة الأعلى من الهيدروجين بين رتب الفحم الحجري الأربع، حيث تحتوي على حوالي 5% من الهيدروجين في تركيبها. ويلزم زيادة هذه النسبة إلى حوالي 12% من أجل تحويل الفحم الحجري إلى وقود سائل ذي طاقة عالية، أو زيادة النسبة إلى حوالي 25% من أجل الحصول على غاز طبيعي صناعيًا من الفحم الحجري.
وتسمى عملية تحويل الفحم الحجري إلى وقود سائل الهَدْرجَة أو الإسالة. وقد جرى تطوير عدة طرق لهدرجة الفحم الحجري. وفي الطريقة المثلى يعالج مزيج من مسحوق الفحم الحجري والزيت مع غاز الهيدروجين في درجات حرارة عالية وتحت ضغط كبير، فيتحد الهيدروجين تدريجيًا مع جزيئات الكربون مكونًا وقودًا سائلاً. ويمكن بهذه العملية إنتاج أنواع وقود عالية الطاقة مثل البترول وزيت الوقود وذلك بإضافة كميات كافية من الهيدروجين.
يمكن تحويل الفحم الحجري بسهولة إلى غاز منخفض الطاقة؛ بطريقة الكَرْبَنَة والتغويز التي وردت في باب استعمالات الفحم الحجري. كما يمكن إنتاج غاز منخفض الطاقة من الفحم الحجري غير المُعَدّن. وتسمى العملية التغويز التحت أرضي. وتتضمن العملية حفر بئرين متباعدتين إحداهما عن الأخرى وتخترقان سطح الأرض وصولاً إلى قاعدة راق الفحم الحجري. يتم إشعال الفحم الحجري عند قاع أحد الآبار بينما يُضغط الهواء خلال المسام في راق الفحم الحجري وتتحرك النار باتجاهه. وعند احتراق كمية كافية من راق الفحم الحجري تسمح بتشكيل ممر بين البئرين في جسمه، عند ذلك يتمكن الهواء المضغوط من دفع الغازات الناتجة من احتراق الفحم الحجري إلى سطح الأرض في البئر الأول. وبالمقارنة مع الغاز الطبيعي، نجد أن الغاز ذا الطاقة المنخفضة الناتج عن احتراق الفحم الحجري تكون له استعمالات محدودة. ويلزم إغناؤه بالهيدروجين كَيْما تعادل قيمته الحرارية القيمة الحرارية للغاز الطبيعي.
تُعد الطرق الحالية، للحصول على وقود عالي الطاقة من الفحم الحجري مكلفة جدًا للاستعمال التجاري. فإنتاج الهيدروجين مُكلّف جدًا. هذا بالإضافة إلى أن معظم أنواع الوقود المصنوعة من الفحم الحجري تحتوي على كميات غير مقبولة من الكبريت والرماد. وما زال الباحثون العلميون يحاولون تطوير طرق أرخص لتحويل الفحم الحجري