خامات العناصر المشعة
يُقصد بخامات العناصر المشعة – بالدراسة الحالية - مجموعة المعادن والخامات التى تحتوى فى تركيبها الكيميائى عنصر اليورانيوم أو عنصر الثوريوم بصفة أساسية ، مثل اليورانينيت Uraninite بتركيب كيميائى غالب UO2 يصاحبه UO3 واكاسيد الرصاص والثوريوم وبعض المعادن الأرضية النادرة ويعرف عادة بإسم البتشبلند Pitchblende للونه الأسود ، ومثل الكارنوتيت Carnotite K2(UO2)2(V2O8).1-3H2O ، ومثل الثوريت Thorite ThSiO4 حيث يصاحبه عادة اليورانيوم فى الطبيعة على هيئة سليكات الثوريوم واليورانيوم Th,U)SiO4) ، وغيرهم . ويوجد فى الطبيعة مايقرب من 200 معدن يدخل فى تركيبه الكيميائى عنصر اليورانيوم أو الثوريوم أو كلا العنصرين معا .
وعلى الرغم من أن استخدام الثوريوم فى المفاعلات النووية بدأ منذ ميلاد الطاقة النووية فى خمسينيات القرن الماضى ، وأن احتياطياته العالمية أكثر وفرة من إحتياطيات اليورانيوم حيث تبلغ 3 مرات احتياطيات اليورانيوم ، ولكن استخدام اليورانيوم هو الأكثر شيوعا على مستوى العالم فى المفاعلات النووية ، كما يتركز الحديث عن اليورانيوم دون الثوريوم فى التقارير التى تصدر سنويا عن الهيئات الدولية المعنية بالطاقة النووية . ذلك لأن الثوريوم قليل الإستخدام كوقود نووى على مستوى العالم ، بسبب أن ذراته لاتنشطر مباشرة فى المفاعلات النووية مثلما تنشطر ذرات اليورانيوم 235 ، ويُصنف الثوريوم فى الفيزياء النووية كمادة خِصبة fertile أكثر منه مادة انشطارية fissile ، مثله مثل اليورانيوم-238 الذى يكون حوالى 99.3% بالوزن من اليورانيوم الطبيعى ، وكل المواد الخصبة النووية مثل اليورانيوم-238 والثوريوم-232 يمكن تحويلها فى قلب المفاعل النووى إلى مواد قابلة للإنشطارمباشرة ، فاليورانيوم-238 يتحول فى قلب المفاعل النووى إلى بلوتونيوم-239 ، والثوريوم-232 إلى يورانيوم-233 طبقا للمعادلتين الآتيتين :
وعندما نتحدث عن المفاعلات النووية فيجب التمييز بين نوعين من المواد القابلة للإنشطار ، مادة قابلة للإنشطار مباشرة مثل اليورانيوم-235 ، ومادة غير قابلة للإنشطار مباشرة مثل الثوريوم-232 ومثل اليورانيوم-238 وهما مادتين خصبتين fertile . وإن لم يتم تحديد المادة الإنشطارية عند الحديث عن الطاقة النووية والمفاعلات النووية فإننا نتحدث فى العادة عن معدن اليورانيوم[1] الذى يمثل نظير اليورانيوم 235 أحد مكوناته الهامة الإنشطارية التى تُعتبر الوقود النووى السائد تجاريا على مستوى العالم .
ويرى بعض خبراء الطاقة النووية أن استخدام الثوريوم كوقود نووى على المستوى التجارى سوف يحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتتأكد جدواه الإقتصادية على المستوى التجارى .. وقد يطول هذا الوقت نظرا لوفرة اليورانيوم الحالية وقلة تكلفة تجهيزه وسهولة عملية إثرائه enriching .. .. ونجد فى المقابل أن الهند[2] التى تمتلك أكبر احتياطى عالمى من الثوريوم بعد أستراليا ، وتعانى نضوبا فى مصادر اليورانيوم مع تدنى رتبة ماتبقى من موارده ، ولأنها ترفض قيود وضغوط مصدرى اليورانيوم لها وخاصة كندا حيث يشترطون مراقبة ومتابعة استخداماته السلمية .. قد نجحت فى تصميم مفاعلات نووية تستخدم الثوريوم كوقود نووى أساسى على المستوى التجارى بعد تحويله باستخدام مادة بادئة انشطارية إلى أحد النظائر المشعة القابلة للإنشطار مباشرة مما يؤدى إلى تعظيم استخدام الثوريوم المتوفر عندها كوقود نووى . ومن جهة أخرى نجد أن دولا أخرى مثل روسيا وفرنسا تمتلك مفاعلات مُولِّدة breeder reacors - (وهى المفاعلات التى تنتج مادة انشطارية بمعدلات أكبر بكثير من استهلاكها ) - غير تجارية تعمل بخليط متوافق من الثوريوم واليورانيوم كوقود نووى ، ولمثل هذه المفاعلات ميزة أساسية بالنسبة للسلم الدولى رغم تكلفتها الرأسمالية وارتفاع تكلفة تشغيلها مقارنة بالمفاعلات التقليدية التى تعمل باليورانيوم فقط كوقود نووى ، وهى انخفاض محتوى البلوتونيوم فى الوقود النووى المحترق spent fuel الذى يمكن استخدامه فى الأسلحة النووية. ويرى بعض خبراء الطاقة النووية أنه يجب الإسراع فى تطوير استخدام الثوريوم كوقود نووى أساسى على المستوى التجارى فى مفاعلات محطات القوى الكهربية اقتداءا بالهند كوسيلة للحد من انتشار الأسلحة النووية .
ويصدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA بالإشتراك مع وكالة الطاقة النووية NEA لمنظمة التعاون الإقتصادى والتنمية OECD (تسمى نادى الأغنياء بوسائل الإعلام) تقريرا تفصيليا كل عامين عن مصادر اليورانيوم والإنتاج والعرض والطلب على المستوى العالمى وعلى مستوى كل دولة من دول العالم ، كما تتابع فى تقريرها الأنشطة النووية على مستوى كل دولة وعلى مستوى العالم ، ويشتهر هذا التقرير السنوى بإسم بالكتاب الأحمر Red Book منذ أن صدر .
وأقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإشتراك مع وكالة الطاقة النووية (يشار إليهما فيما بعد بـ IAEA/NEA) نظاما قياسيا صنفت فيه مصادر اليورانيوم إلى فئات بمسميات محددة ، ثم أجرت عليه تعديلا طفيفا فى بعض مسميات فئاته وتوصيفها بالكتاب الأحمر إصدار 2008. ولايعترف هذا النظام بالمسمى " إحتياطى" Reserve لأى فئة ولايعتمده ، ويعتمد فقط المسمى "مصدر" Resource لكل فئات مصادر اليورانيوم بالنظام الذى تم إقراره .
ويقسم هذا النظام مصادر اليورانيوم تقسيما عاما تحت قسمين رئيسيين . القسم الأول يشمل كل مصادر اليورانيوم التقليدية ، والقسم الثانى يشمل كل مصادر اليورانيوم غير التقليدية. ويُعرف النظام المصادر التقليدية بأنها تلك المصادر التى يكون فيها اليورانيوم هو المنتج الأولى الرئيسى أو المنتج المصاحب co-product أو المنتج الثانوى الهام important by-product ، وفيما عدا ذلك تسمى باقى المصادر الأخرى بالمصادر غير التقليدية ، وتُعتبر صخور الفوسفات من الناحية التاريخية هى أهم مصادر اليورانيوم غير التقليدية ، وقد أمكن للنرويج استخلاص 690 طن يورانيوم من فوسفات المغرب العربى بين عام 1975 وعام 1999 ، بينما استخلصت الولايات المتحدة الأمريكية حوالى 17150 طن من رواسب فوسفات فلوريدا بين عام 1954 وعام 1962 ، وتؤكد بعض المصادر[3] أن إسرائيل[4] تحصل على احتياجاتها من اليورانيوم باستخلاصه من رواسب الفوسفات الضعيفة الرتبة بصحراء النقب بالقرب من بير سبع التى تحتوى على حوالى 30 ألف إلى 60 ألف طن يورانيوم ، إضافة إلى العجينة الصفراء yellow cake التى تستوردها من جنوب أفريقيا ، وإلى ماتحصل عليه من الوقود النووى من فرنسا التى بنت لها مفاعل ديمونة عام 1963 . ويذكر الكتاب الأحمر أنه مع وصول سعر اليورانيوم إلى أكثر من 260 – 310 دولار أمريكى لكيلوجرام اليورانيوم تصبح صخور الفوسفات ورواسبها مصدرا هاما منافسا لباقى مصادر اليورانيوم التقليدية .
وبالنسبة للنظام الذى أقرته الـ IAEA/NEA ، تم تصنيف مصادر اليورانيوم إلى فئات بمسميات محددة على أساسيين ، أولهما درجة التأكد والثقة فى بيانات تلك المصادر الجيولوجية وتقدير كمياتها ورتبتها ، وثانيهما هى حدود التكلفة الإقتصادية لإستخراج اليورانيوم متضمنا ذلك تكلفة النقل والتجهيز والتكلفة الثابتة غير المباشرة وتكلفة الحفاظ على البيئة من الأضرار الناتجة عن تلك الأعمال.
ويتم تقسيم المصادر حسب درجة التأكد والثقة إلى فئتين رئيسيتين هما "مصادر اليورانيوم المحققة" Identified Resources و "مصادر اليورانيوم غير المحققة" Undiscovered Resources . وتنقسم مصادر اليورانيوم المحققة إلى فئتين فرعيتين هما " مصادر مؤكدة بشكل معقول" Reasonably Assured Resources (RAS) و " مصادر مستنبطة " Inferred Resources (IR) - كانت تسمى بالمصادر الإضافية المقدرة من الدرجة الأولى EAR-I فى التقارير السابقة ، يتم التعبير عنهما بكميات اليورانيوم بالطن المترى التى يمكن استخراجها من المناجم بعد تجهيزها وتركيزها بالتكنولوجيات المتاحة . وتنقسم مصادر اليورانيوم غير المحققة إلى فئتين فرعيتين هما مصادر مأمولة Prognosticated Resources (PR) – كانت تسمى بالمصادر الإضافية المقدرة من الدرجة الثانية EAR-II، ومصادر تخمينية Speculative Resources (SR) ، ويتم التعبير عنهما بكميات اليورانيوم بالطن المترى فى مكانها بالصخور والرواسب الحاوية لها In Situ .
أما تقسيم مصادر اليورانيوم تبعا لتكلفة استخراج وتجهيز الكيلوجرام الواحد من اليورانيوم ، فإن IAEA/NEA تستخدم ثلاث فئات محددة التكلفة ، ولاتتبع تلك التكلفة أحوال السوق وتقلباته وهم بالترتيب كما يلى :
§ الفئة الأولى : أقل من 40 دولار أمريكى تكلفة الكيلوجرام الواحد من اليورانيوم ناتج مصنع التجهيز بمواصفات العجينة الصفراء .
§ الفئة الثانية : من 40 إلى80 دولار تكلفة الكيلوجرام الواحد من اليورانيوم ناتج مصنع التجهيز بمواصفات العجينة الصفراء .
§ الفئة الثالثة : من 80 إلى 130 دولار أمريكى تكلفة الكيلوجرام الواحد من اليورانيوم ناتج مصنع التجهيز بمواصفات العجينة الصفراء.
ويمكن ربط العلاقة بين التقسيمين السابقين لمصادر اليورانيوم حسب درجة الثقة فى بيانات اليورانيوم الجيولوجية والمعدنية والكمية وحسب فئات التكلفة المشار إليها كما هو موضح بالشكل رقم 1 . حيث يوضح الشكل العلاقة بين مصادر اليورانيوم بفئاتها المختلفة ، فيعبر المحور الأفقى عن درجة التأكد والثقة فى البيانات الناتجة عن الأبحاث الجيولوجية وعن التقييم الكمى والنوعى لليورانيوم ، بينما يعبر المحور الرأسى عن درجة الجدوى الإقتصادية لإستغلال اليورانيوم معبرا عنها بفئات التكلفة السابق الإشارة إليها .
الإثنين سبتمبر 24, 2012 4:11 pm من طرف المدير العام