تمتد الصحراء الشرقية بين وادي النيل والبحر الأحمر؛ وهي مختلفة تماماً عن الصحراء الغربية، بحيث يصعب جمعهما معاً تحت اسم واحد. إنها صحراء، ككل الصحراوات، من رمال، غير أن الغالب فيها هو سلسلة من الجبال الوعرة، تتخللها الوديان، التي يعيش بها واحد من أكبر وأغنى التجمعات النباتية والحيوانية في الأراضي المصرية. من هذه الجبال، ( شايب البنات )، الذي يبلغ ارتفاعه 2187 متراً، وهو الأعلى في تلك السلسلة، التي تتمتع قممها بمعدلات معقولة من الأمطار، تتخلق من الطبيعة الجبلية لهذه القمم، بالإضافة إلى معدل هطول طبيعي سنوي، يسود المنطقة، ويقل عن 50 ملليمتراً. وتستقبل الوديان مياه الأمطار المتدفقة، بالرغم من عدم وجود مسارات ثابتة للمياه، التي تتجمع فيما يشبه الينابيع؛ وقد تتسرب المياه المتجمعة، لتكون أحواضاً جوفية، ذات قاع صخري.
ويتميز الحد الشرقي للجبال بوديان عديدة، قصيرة نسبياً، وشديدة الانحدار؛ بينما وديان الجانب الغربي طويلة وأقل انحداراً. ونظراً للجفاف الشديد الذي يسود الصحراء الشرقية، بعامة، فإن مظاهر الحياة النباتية والحيوانية تقتصر على الوديان، وبصفة خاصة، على جوانب هذه الوديان؛ فمياه الأمطار الهاطلة على الجبال تتخذ هيئة السيول، التي تتدفق إلى الوديان، حاملة معها الصخور، وفي بعض الأحيان تنقل كتلاً ضخمة منها؛ كما تجرف كل ما تجده في طريقها؛ لذلك، فإن مسارات هذه السيول في الوديان تخلو من الحياة النباتية، التي تنتقل إلى ضفاف الأودية، التي تعلو مستوى مياه السيل. إن هذا الحال لا يمتد إلى منطقة نهايات الأودية، حيث يزيد اتساع الوادي وتقل درجة انحداره، فإذا وصلته مياه السيل المندفعة، فقدت قوتها، فلا تنتزع وتجرف النباتات النامية في نهايات الأودية؛ بل إن جزءاً من المياه يركد، ويبقى في التربة، فتتوفر مياه تكفي لأن تنمو عليها النباتات لعدة سنوات قادمة.
وأبرز ما يمثل الحياة النباتية في المنطقة الجبلية من الصحراء الشرقية، المورينجا Moringa peregrina ؛ والأصـــــف، أو الكَبَــر البري، وهو نبات يسترعي الانتباه، على وجه خاص، إذ ينمو على الجُــرُف الصخرية، في هيئة تجمعات زاهية الخضرة، تتناثر بينها زهور بيضاء كبيرة؛ والعجيب من أمر هذه الزهور، أنها تنمو في المساء، ولا تلبث أن تذبل بسرعة، مع ارتفاع شمس اليوم التالي؛ وعلى ذلك، فإن الفرصة الوحيدة المتاحة لرؤية هذه الأزهار تكون في الصباح الباكر. ومن الأشجار الشائعة في الوديان، الســـنط؛ أما شجيرات الســــواك Salvadora persica ، فهي نادرة الوجود بالنواحي الجبلية، بالرغم من أنها نموذج نمطي شائع بالوديان؛ وقد أخذت اسمها من استخدام أغصانها اللينة وجذورها، على نطاق واسع، كأداة لتنظيف الأسنان. ومن الأشجار التي يجود نموها في هذه البيئة، الأثـــل؛ وشجرة (هجليج، أو إجليج )، وثمارها عبارة عن توت قرمزي صغير الحجم، عصيري، مقبول كطعام، بنكهته الحريفة اللطيفة.
ومن الطيور اللصيقة بالمنطقة الجبلية، الرخـمـــة المصرية، أو ( أنــــوق )، وتعرف أيضاً باسم ( دجاجة الفرعون )؛ وطائر ( حجل الصخر ). أما الوديان، فهي ملتقى أنواع عديدة من الطيور المهاجرة، تتخذها محطة للراحة، ولالتقاط الغذاء.
وتضم قائمة زواحف الجبال العظاءات ( السحالي ) قاطنة الصخور، مثل ( البرص أبو كـــف )؛ و ( حردون البحر الأحمر )؛ و ( الأزرود الجبلي الرفيع ). وعند نهايات الوديان، تنتشر الحية المقرنة، ذات الصيت السيئ الذي لا تستحقه، فهي مجرد ثعبان فاتر الهمة، يُضــطـــر للعــض كإجراء دفاعي، وعضته غير سامة.
ومن الحيوانات المتميزة التي تعيش في جبال الصحراء الشرقية، التيس البري؛ ويُعَـــدُّ ملك الجبال حقاً، وهو أيضاً معرَّض لخطر الانقراض. إنه لا يبارح أعالي الجبال إلا مرة واحدة باليوم، ليشرب من مياه الوديان. أما ثعلب الرمال ، فهو – مع ( الكراكال )، أو ( عناق الأرض ) – من الحيوانات اللاحمة، التي يشيع وجودها في الوديان. ويتعرض الكراكال، مع حيوانات الســـنور الكبيرة لضغوط بيئية قاسية