كتب ربيع العزابي - تونس
خلال ندوة حول استعمال تفاعلات
الانصهار، عرض مهندس من النّاسا مبادئ نوع جديد من دفع المحرّكات يقوم على
الانصهار اللانيوتروني لمعدن البور (الفرق بين الانصهار النيوتروني و
اللانيوتروني أن الأوّل 80% من الطاقة الناتجة عنه تكون على شكل نيوترونات
أمّا الثاني فلا تتجاوز نسبة النيوترونات من الطاقة الجملية 1%). و قال
أنّه سيكون من الممكن الحصول على محرّكات صواريخ أكثر نجاعة بعشرات المرّات
من أفضل المحرّكات الأيّونية الموجودة حاليا (المحرّك الأيوني تستعمله
المسابير الفضائية حاليا و هو على خلاف المحرّك الكيميائي التقليدي يقوم
على قوة دفع ناتجة عن تعريض حزم أيونات إلى حقل كهربائي قوي. الغاز
المستعمل هو غاز زينون).
العالم كلّه مدين للعالم الروسي "تسولكوفسكي"
(1857ـ1935) و ذلك لاكتشافه معادلة شهيرة تبيّن العلاقة بين السرعة التي
يمكن أن يبلغها الصاروخ و بين سرعة حقن الغاز المستعمل للدّفع في غرفة
المحرّك.حسب هذه المعادلة: كلّما ازدادت سرعة حقن الغاز في غرفة المحرّك
كلّما كان من الممكن بلوغ سرعات فائقة بقليل من الوقود.
يجب أيضا الأخذ بعين الاعتبار الطاقة المستعملة من قبل المحرّك لتصريف
المادّة بسرعات فائقة. بالتالي، إذا أردنا بلوغ المريخ في بضعة أسابيع فقط
أو نجمة ألفا دي سانتور (Alpha du centaure) في أقلّ من قرن من الزمان،
علينا تجهيز المحرّك المناسب.
تفاعلات الانصهار التي تحرّر الكثير من
الطاقة، يبدو منطقيا استعمالها إمّا في إنتاج الكهرباء المستخدم في
المحرّكات الأيونية أو في شكل انفجار نووي يستخدم مباشرة لدفع المركبات. من
الأمثلة الجيّدة على ذلك المشروع الشهير "دايدالوز" الذي كان يديره في
السابق العالم الفيزيائي آرثر كلارك. للأسف، المحرّك الذي يعتمد عليه مشروع
دايدالوز يستعمل تفاعل انصهار ذرّة الديتريوم مع التريتيوم، كما هو الحال
في مشروع "ايتار" (مشروع مفاعل نووي يعمل بالانصهار و يقع بناؤه في جنوب
فرنسا). و من المعلوم أن التريتيوم يوجد بكميات قليلة جدا في الأرض، كما أن
تفاعل الانصهار يرافقه تدفّق للنيوترونات عالية الطاقة ما يسبّب العديد من
المشاكل.
يعتقد جون شابمان أنّه وجد حلاّ لصنع محرّك معدّ من أجل
الرحلات الفضائية بين الكواكب و ليس للاطلاق العادي. و لقد قام بعرض الفكرة
خلال ندوة عن استعمال الانصهار النووي في شيكاغو. هذا المهندس (الذي يعمل
في ناسا) يقترح استعمال معدن البور، عنصر من السهل العثور عليه في الأرض،
كقادح لتفاعل الانصهار اللانيوتروني. من أجل ذلك يجب تجهيز مصدر لانتاج
الليزر.
نجاعة فائقة:
يقع البدء بإرسال حزمة ليزر بطاقة عالية
جدا نحو هدف قطره 20 سنتمترا. هذا الهدف مكوّن من طبقة معدنية ناقلة أولى
سمكها من 5 إلى 10 ميكرومتر. يضطلع حقل كهربائي بمهمّة تحويل ذرّات الطبقة
المعدنية إلى أيّونات أو ما يعرف بالتأيّن. تنفجر الطبقة المعدنية إثر ذلك
بسبب التنافر الكهروستاتيكي بين النوى (جمع نواة)، منتجة تدفّقا للبروتونات
في اتّجاه الطبقة الثانية المكوّنة من معدن البور 11.
ينتج عن ذلك
تفاعل انصهار البروتونات مع نوى معدن البور مكوّنة نوى كربون غير مستقرّة
التي تنشطر بدورها إلى نوى هليوم و بيريليوم. و لكن حتى نواة البيريليوم
تكون غير مستقرّة، تنشطر بدورها إلى نواتين اثنتين هليوم.إذن، ينتهي
التفاعل بانتاج 3 نوى هليوم بطاقة حركية قدرها 2,9 MeV أي ذات سرعة فائقة.
حسب حسابات شابمان، نتحصّل على نظام دفع أنجع بأربـــعين مرّة من أفضل نظام دفع أيّوني ابتكرته البشرية!
هل
يأتي ذلك اليوم الذي نصل فيه الى المريخ في أقلّ من عشرة أيام...؟ كما
يعترف المهندس نفسه: هذه لا تعدو كونها أفكار مثبتة حسابيا. قد نحتاج إلى
عشرات السنوات من الدراسات قبل أن نتأكّد من إمكانية صنع هذا النوع من
أنظمة الدفع..
المصدر
http://www.futura-sciences.com/fr/new ... es-engins-spatiaux_31214